مجلة الأمن العام
سيزوبيل... أي مصير ينتظرها؟
40 عاماً في خدمة الطفل المصاب بإعاقة جسدية
سيزوبيل... أي مصير ينتظرها؟
من المشاهد المؤثرة التي صبغت الحراك الشعبي بحلة انسانية اختلط فيها الحس الوطني بالوجودي، كانت صرخة شاب من شبيبة مؤسسة سيزوبيل امام الصرح البطريركي. صرخة استوقفت الناس والاعلاميين ورواد وسائل التواصل الاجتماعي، دعا فيها هذا الشاب الى مساعدة مؤسسة لطالما ساعدته، قبل وصولها الى عتبة اغلاق ابواب الامل فيها
بعد اكثر من 40 عاما في خدمة الطفل المصاب باعاقة ودعم اهله، وضعت مؤسسة سيزوبيل في مأزق التأكيد على صواب عملها، وعلى انها ليست جمعية وهمية. وصلت هذه المؤسسة الانسانية الى نتيجة تعوّقها عن اكمال طريقها بسبب عدم تمكن وزارة الشؤون الاجتماعية من دفع مستحقات عام 2019، وعدم انجاز التعاقد السنوي معها.
عن هذه القضية الانسانية حاورت "الامن العام" رئيسة مؤسسة سيزوبيل فاديا صافي ومطلق الصرخة امام الصرح البطريركي الناشط ايلي طوق.
رئيسة مؤسسة سيزوبيل فاديا صايف.
صافي: متجهون
نحو اغلاق ابوابنا
* كيف تأسست سيزوبيل ومتى؟ ما الهدف؟
ـ فكرة انشاء مؤسسة تعنى باطفال يعانون من اعاقات جسدية منذ الولادة، فرضها الواقع الذي عاينته الناشطة في العمل الاجتماعي ـ الانساني ايفون شامي بعد عودتها من فيتنام الى لبنان لدى اندلاع الحرب عام 1975، وذلك من خلال عملها كمساعدة للبروفسور ارنست مجدلاني في مستشفى الروم كممرضة وقابلة قانونية، حيث اكتشفت اختفاء اطفال حديثي الولادة من المستشفى المذكور، وتحديدا ممن يعانون من اعاقات جسدية، لتعلم في ما بعد سبب اختفاء هؤلاء الرضع من المستشفى الذي لم يكن مجهزا انذاك، بمعدات مخصصة لعلاج الاعاقات الجسدية عند الاطفال حيث كانوا يرسلون الى مؤسسات كدير الصليب مثلا. علما ان الام لم تكن تعلم بحقيقة رضيعها ومصيره ليقال لها انه توفي في اثناء الولادة. هذا الواقع المأسوي دفع الناشطة ايفون شامي الى طرح القضية مع كهنة الرعايا عام 1976، فكانت البداية مع كاهن رعية سيدة المعونات في زوق مكايل الذي استغرب بداية طرح هذه القضية في رعيته، لأن لا علم له بوجود هذا النوع من الحالات لدى ابنائها. في احد اللقاءات التي كانت تنظمها شامي مع ابناء الرعية المذكورة بهدف التوعية وتشجيع الاهالي على التحدث عن هذا الواقع بصراحة، اعترفت احدى الامهات بأن لديها ثلاثة ابناء يعانون من اعاقات جسدية منذ الولادة، يلازمون البيت طوال الوقت ولا تتجاسر، بسبب تذمر الجيران، على اخراجهم الى الشرفة لانهم لا يحتملون رؤيتهم. اعتراف هذه الام بحقيقة واقع اولادها، ساعد شامي على الانطلاق في مهمتها. كثفت لقاءاتها مع اهالي زوق مكايل بتشجيع من رئيس البلدية انذاك نهاد نوفل وفي حضوره شخصيا، لتكتشف بعد فترة وجود 80 ولدا يعانون من اعاقات جسدية في محيط صغير جدا من المنطقة المذكورة. الامر الذي فاجأ كاهن الرعية فسارع الى تأمين مركز لانشاء مؤسسة سيزوبيل التي اخذت على عاتقها منذ البداية خدمة الطفل المعوّق واهله. هذا المركز كان كناية عن بيت صغير ملاصق للرعية شهدت بداياته عام 1977 استقبال 9 اولاد. كنت حينها قد انهيت تخصصي الجامعي كمساعدة اجتماعية، فبدأت العمل كمتطوعة في مؤسسة سيزوبيل.
* بعد تلك الانطلاقة ما هي خدمات قدمتها سيزوبيل والبرامج التي وضعتها في خدمة الاطفال المصابين باعاقات جسدية؟
ـ مع بدايات عمل مؤسسة سيزوبيل عانينا من وجود نقص في مجال التشخيص لهذه الحالات، لمعرفة ما اذا كان هذا المرض وراثيا، وللتأكد من عدم اصابة اشقاء الطفل المعوّق بالمشكلة نفسها مستقبلا. الفحوص الطبية اللازمة في هذا المجال لم تكن متوافرة في لبنان في تلك الفترة، اضافة الى عدم وجود اختصاصات جامعية ضمن هذا الاطار، كالعلاج الفيزيائي للاطفال مثلا. الامر الذي دفع مؤسسة سيزوبيل ايفون شامي الى ارسال فتاة للتخصص في هذا المجال في ايطاليا. هذه الشابة هي اليوم مسؤولة عن برنامج التأهيل في سيزوبيل. في الواقع، بدأنا من لا شيء ـ كما يقال ـ حيث لا وجود لاختصاصيين لعلاج يشمل كل مشكلات الاعاقة عند الاطفال، كالتربية المتخصصة والتعليم والتدريب والتأهيل والمداواة بالعمل والمتابعة بالادوية والعلاج الفيزيائي. افتقارنا الى هذه الاختصاصات في لبنان، دفعنا الى تكثيف العمل مع الجامعات تحديدا، كجامعة القديس يوسف لادخال اختصاصات جديدة الى مناهجها لتهيئة جامعيين ليكونوا من فريق عمل المؤسسة.
* اي اعاقات جسدية يعاني اطفال سيزوبيل؟
ـ في البداية لم نشدد كثيرا على معدل اعمار هؤلاء الاطفال، لكننا اكتشفنا مع الوقت اهمية التدخل المبكر لمساعدة الطفل على تنمية طاقاته. فقررنا آنذاك استقبال الاطفال منذ ولادتهم حتى بلوغهم 6 سنوات ليشملهم برنامج التربية المتخصصة والتدريب والتأهيل والعلاج الفيزيائي، فيكبروا معنا ويواصلوا علاجهم وتعليمهم عبر برامج اخرى معدة لهم، منها المداواة بالعمل من خلال الانضمام الى قسم المشاغل المحمية ليكونوا منتجين واصحاب مهنة بقدر ما يستطيعون. لكن اذا كانت اعاقتهم الجسدية لا تساعدهم على العمل بايديهم، يتجهون عندها نحو عالم الكومبيوتر. منذ البدايات التفتت سيزوبيل نحو كل اعاقة جسدية عند الاطفال، كالشلل الدماغي والضمور العقلي والعضلي الذي نعتبره مرضا تراجعيا لا يولد مع الطفل، بل يصاب به في ما بعد، اي اثر دخوله المدرسة حيث يفقد القدرة على المشي والكتابة التي تعلمها او تناول الطعام بمفرده. هذه الحالة التراجعية عند الطفل اربكت عائلات كثيرة بسبب جهل اسباب ما يحصل لاطفالهم. الى جانب ما ذكرت من اعاقات جسدية اهتمت بها سيزوبيل منذ البدايات، شمل اهتمامنا الاعاقات العقلية ايضا، خصوصا متلازمة داون (المغولية) او اي اعاقة يسببها داء الصرع بتأثيره على الجهاز العصبي، وهي حالة مرضية من الممكن الا يشفى منها الطفل وهي تتطلب علاجا دائما. عام 1989 كنا من اولى المؤسسات في لبنان التي اهتمت بالاطفال الذين يعانون من التوحد بعد تلمسنا مدى المعاناة التي عاشتها عائلات كثيرة مع هذا المجهول الذي لم نكن نعرف اسبابه ونجهل ما هو تحديدا. كل خدمة قدمتها سيزوبيل كانت تجاوبا مع حاجات الاولاد، فعندما نجد ان هناك حاجة معينة لدى اي طفل كنا نخلق الخدمة لاجله.
* بعد اكثر من 40 عاما من العمل المتواصل في خدمة الطفل المصاب باعاقة، اصطدمت سيزوبيل في اواخر العام الماضي بما يهدد استمراريتها، ما الذي حصل ونحو اي قرار ستتجهون؟
ـ المشكلة بدأت مع طرح قضية الجمعيات الوهمية في لبنان فقاموا بوضع كل العاملين في هذا القطاع في المستوى نفسه، علما ان لنا تاريخنا الذي يؤكد عكس ذلك، الامر الذي اخذ من الجهد الكثير للتأكيد على صواب عملنا. نحن متعاقدون مع وزارة الشؤون الاجتماعية المعنية بوضع الاطفال الذين يعانون من اعاقات جسدية بتأمين 30 في المئة من الكلفة المادية التي تتكفلها سيزوبيل من اجل علاجهم. منذ العام 2011 ارتفعت قيمة الكلفة لدينا فلم يعد مبلغ 16 الف ليرة للطفل يوميا كافيا لتعليمه وعلاجه وتأهيله، وهو المبلغ المحتسب من وزارة الشؤون الاجتماعية لكل طفل مسجل في جدولها، وينص التعاقد مع الوزارة على عدم نيل اي بدل مادي من الطفل الذي تشمله تغطيتها. في العامين الماضيين، ازدادت المشكلة تعقيدا بعد تعثر نيل المستحقات المالية من وزارة الشؤون الاجتماعية،. في العام الماضي حصلنا على فواتير عام 2018 وحتى مطلع هذه السنة لم نتسلم مستحقاتنا لعام 2019، وحتى التعاقد السنوي لم يتم توقيعه قبل مطلع السنة الجارية كما يحصل عادة. الامر الذي دفعنا الى اتخاذ قرار صعب للتخفيف من العبء المادي بفتح ابواب سيزوبيل مدة 3 ايام في الاسبوع بمعدل نصف دوام. هذه الحال التي نمر فيها حاليا مع هذا الافق المسدود كليا، تشير ويا للاسف الى اننا متجهون نحو اغلاق المؤسسة.
ايلي طوق من شبيبة سيزوبيل.
طوق: سيزوبيل هي الاوكسيجين
اذا لم نتنشقه نموت
* صرختك امام الصرح البطريركي التي تناقلتها شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي في اواخر العام الماضي مع ما شهده لبنان من حراك شعبي لاشهر خلت، من اين هي نابعة؟
ـ هذه الصرخة اتت من وجع اقسمه الى ثلاثة اجزاء: وجع شبيبة تشبهني، ووجع فريق عمل مؤسسة، ووجع الاهل. اطلقت هذه الصرخة بعد تأكدي من ان الصورة عنا كشبيبة تعاني من اعاقات جسدية غير مكتملة ويجب ان تكون واضحة كما هي في حقيقتها، لأن المسؤولين الذين يتعاملون مع هذه القضية لا قدرة لديهم على فهم اهمية سيزوبيل بالنسبة الينا. فهي ليست مجرد مؤسسة تقدم خدمات الينا، بل هي حياة وتعتبر الاوكسيجين الذي اذا لم نتنشقه نموت. تعمدت اطلاق هذه الصرخة ليس لاجلي او لاجل رفاقي، بل لاجل الدولة لانني خائف عليها تماما كخوفي على نفسي وعلى مجتمعي. في حال اغلقت سيزوبيل ابوابها سنخسر جزءا كبيرا ومهما جدا من حياتنا. لذا من واجبي ان اعرّف الناس على القيمة الحقيقية لهذه المؤسسة، وان اوقظ تاليا ضمائر المسؤولين على قيمتي كانسان لأنهم لا يعرفونها. الصرخة التي اطلقتها هي من اجل ان يتخذ المسؤولون القرار المناسب، لان المسألة ليست فقط في اغلاق مؤسسة، بل الامر ابعد من ذلك بكثير. هناك اشخاص ستتبدل حياتهم وسيشعرون بأنهم سيموتون في حال اغلقت سيزوبيل ابوابها. من حقنا ان نفرح وان تكون لحياتنا قيمة، لاسيما ان سيزوبيل انتشلتني من غرفتي وانتشلت غيري ايضا. ما قبل احتضان هذه المؤسسة لي لم يكن لحياتي اي معنى ولم يهتم احد بي حتى اهلي، لان واقع الاعاقة في لبنان واقع صعب جدا ومتشعب يحتاج الى جهد كبير وحب اكبر. نحن كشبيبة تعاني من اعاقات جسدية، خصوصا من الشلل الدماغي كحالتي، ونحن نتعذب كثيرا كي نقول ما لدينا ونفصح عما لدينا من حقوق. نريد ان نعيش وان نكون افضل في مجتمعنا كي نضع طاقاتنا في خدمة بلدنا الذي نحب، هكذا علمتني سيزوبيل.
* وجعك كمواطن ما هو وكيف تختصره؟
ـ رغم حبي الكبير لوطني هناك لبنان آخر احلم به، وهو الوطن الذي يعمل على سياسات انسانية واجتماعية جدية في دولة تحترم الانسان. لا اعني هنا الانسان المصاب باعاقة جسدية، بل كل انسان مهما كان وضعه. اشعر بحرقة في القلب لان الانسان في وطني منسي، ولولا وجود مؤسسات مثل سيزوبيل لكنت ميتا الان. ما قبل اهتمام هذه المؤسسة بي كنت افكر في الانتحار، لان واقع الاعاقة صعب ومؤلم. حزني كبير على دولتي بسبب تأخرها عن تبيان سياستها الاجتماعية التي تحاكي كل انسان، وليس فقط المصاب باعاقة جسدية. هناك ايضا امر مهم جدا، وهو انني لا اريد العيش بقلق دائم اضطر بسببه الى النزول الى الشارع للمطالبة بحقي. مكاني ليس في الشارع، بل وراء مكتبي. لدي انجازات اريد ان احققها، واريد تاليا تطوير مجتمعي بالعمل على الشبيبة اليائسة من الحياة من اجل ان تفهم قيمة الحياة. لبنان لا يبنى بالطاقات الموجودة حاليا، فهذا لا يكفي، لذا علينا تفعيل طاقات جديدة لم تظهر الى العلن حتى الان. كل هذه الاحلام مؤجلة طالما انا مضطر الى النزول الى الشارع للمطالبة بحقي. حلمي ان لا تواجهني اعاقات في الحياة هي حتما اصعب من اعاقتي الجسدية.
د. م
عناوين الأمن العام
المقسم |
العدلية شارع سامي الصلح |
01/386610 - 01/425610 |
الدائرة الأمنية |
المتحف 01/612401/2/5 |
دائرة مطار رفيق الحريري الدولي: |
01/629150/1/2 - 01/628570 |
دائرة مرفأ بيروت: |
01/580746-01/581400 |
مركز أمن عام مرفأ جونية: |
09/932852 |
مركز أمن عام مرفأ طرابلس: |
06/600789 |
مركز أمن عام العريضة: |
06/820101 |
مركز أمن عام العبودية: |
06/815151 |
مركز أمن عام البقيعة: |
06/860023 |
مركز أمن عام الرائد الشهيد روجيه جريج - القاع: |
08/225101 |
مركز أمن عام المصنع: |
08/620018 |
مركز أمن عام مرفأ صور: |
07/742896 |
مركز أمن عام مرفأ صيدا: |
07/727455 |
مركز أمن عام الناقورة: |
07/460007 |
مركز أمن عام مرفأ الجية: |
09/995516 |
دائرة أمن عام بيروت |
01/429061 - 01/429060 |
|
||||||||||||||||||||||||||||
دائرة أمن عام البقاع |
08/803666 |
مركز زحلة |
08/823935 |
مركز جب جنين |
08/660095 |
مركز راشيا |
08/590620 |
مركز رياق |
08/900201 |
مركز النقيب عصام هاشم - مشغرة |
08/651271 |
مركز بوارج |
08/540608 |
دائرة أمن عام بعلبك الهرمل |
08/374248 |
مركز بعلبك |
08/370577 |
مركز شمسطار |
08/330106 |
مركز الهرمل |
08/200139 |
مركز دير الأحمر |
08/321136 |
مركز اللبوة |
08/230094 |
مركز النبي شيت |
08/345104 |
دائرة أمن عام لبنان الجنوبي |
07/724890 |
مركز صيدا |
07/735534 |
مركز صور |
07/741737 |
مركز جزين |
07/780501 |
مركز جويا |
07/411891 |
مركز قانا |
07/430096 |
مركز الزهراني |
07/260957 |
دائرة أمن عام النبطية |
07/760727 |
مركز النبطية |
07/761886 |
مركز بنت جبيل |
07/450010 |
مركز مرجعيون |
07/830301 |
مركز حاصبيا |
07/550102 |
مركز جباع |
07/211418 |
مركز تبنين |
07/326318 |
مركز شبعا |
07/565349 |
مركز الطيبة |
07/850614 |
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||