الرقابة للتطوير
تشكل اجهزة الرقابة الرسمية على عمل المؤسسات على اختلافها، الضمان الوحيد لضبط التزام تطبيق القوانين والانظمة، وبالتالي التأكد من حسن سير الادارة بكل اشكالها ،لاسيما المالية منها. انطلاقا من هذا المبدأ العام، فإن المديرية العامة للامن العام تسلك اسس ومبادئ الرقابة الداخلية للتأكد من تطبيق معايير الشفافية في الاداء الوظيفي في المكاتب والدوائر والمراكز، ومكافحة الفساد ورفع مستوى الانتاجية ،بحيث يبقى الهدف الرئيسي حماية الوطن وخدمة المواطن.
منذ العام 2011، كان القرار اعتماد الرقابة كمعيار تقاس على اساسه مستويات النجاح والاخفاق. القرار اتُخذ ليرافق ويواكب خطط التطوير الخدماتية والامنية، ووفقا لما هو مناط بعمل الامن العام من مهمات وادوار ووظائف. لذا اقترنت الرقابة بالتطوير.
وظيفة الرقابة لم تكن يوما متصلة بالكيدية او الاستنسابية ،بل كانت على الدوام محكومة بمعايير عالية لبت ما تحقق .الوظيفة الاساسية للرقابة تبقى في كشف الاخطاء والثغر في اثناء تنفيذ الخطط التطويرية بكل مراحلها. لولا ذلك ما كان ليتحقق شيء مما تحقق، وصار محط اعجاب اللبنانيين والمقيمين. ما انجِز هو واجب على المديرية العامة للامن العام بقدر ما هو حق للبنانيين.
مستوى الرقابة في الامن العام، الذي ارتفع عموديا وتوسع افقيا منذ بداية العقد الماضي ضمن هيكلية تنظيمية حديثة، تركز على الاداء الوظيفي لعديد الامن العام ضباطا ورتباء ومأمورين .خصوصا في ما يتعلق بمدى تنفيذ البرامج الموضوعة، التزام مواعيد استلام وتسليم المعاملات، المتابعة الدقيقة للتأكد من مدى تنفيذ مدونة قواعد السلوك، وكذلك اكتشاف الثغر ونقاط الضعف حتى يمكن تداركها ومراجعتها، والحيلولة دون تكرارها لنستمر قدما في ما اقسمنا عليه وعاهدنا انفسنا واللبنانيين على تنفيذه. وبناء على النتائج والخلاصات الصادرة عن تقارير اجهزة الرقابة الداخلية، تقوم المديرية العامة للامن العام بتعديل الاجراءات المتبعة، ودائما تحت راية القوانين المرعية، وذلك انطلاقا من معطيات جديدة فرضت تطوير آليات العمل بحيث تتكيف مع المستجدات الطارئة ودائما تبعا للمعايير الارفع .
عليه ، كانت الرقابة الوسيلة الانجع لتوفير البيانات عن مستوى التقدم في اداء المهمات في المجالين الاداري والامني، وبالتالي العمل على تعديل الخطط وتحديد الاهداف الاساسية والفرعية .هكذا كانت ولا تزال الرقابة جهدا نظاميا لتحديد معايير الانجاز في ضوء الاهداف الموضوعة، وبالتالي تكييف آليات العمل ومن ثم مقاربتها وفقا لمعايير الرقابة، وتحديد ما تم التوصل اليه نجاحا او فشلا، ليصار بعده الى اتخاذ الاجراء الاداري المطلوب للتثبت من ان كل الموارد البشرية والتقنية قد استخدمت بكفاية وجودة عاليتين، وبطريقة فعالة لانجاز الاهداف المرجوة.
توزعت الرقابة مصنفات تنظيمية ووظيفية وعملياتية، كون الرقابة اساسا هي ديناميكية متواصلة، وفعل تراكمي لضبط عمل المديرية العامة للامن العام في شتى المجالات التي تقع ضمن صلاحياتها القانونية. لهذه الاسباب تنوع العمل على تنظيم عمليات الادارة مثل تحديث عمليات المكننة والشفافية في آلية دفع الرسوم، والتثبت من ان الجهد المبذول يتوافق وتطلعات اللبنانيين والمقيمين والوافدين بالتوازي والتساوي .
كذلك الحال في المجال الامني. بُذلت جهود استثنائية في ظروف دقيقة وحساسة على مستوى مواجهة الخروقات الاستخبارية سواء من العدو الاسرائيلي، او من التنظيمات الارهابية، فضلا عن متابعة شؤون اللاجئين والنازحين. كان العمل الميداني الامني مجهد فوق العادة لما استنزفه من قدرات وامكانات هي في الاصل متواضعة. لكن ذلك لم يمنع على الاطلاق من تحقيق نجاحات استثنائية بكل ما للكلمة من معنى دفاعا عن لبنان وحقنا لدماء المئات ممن كانت العمليات الارهابية تستهدفهم .
كل ذلك جرى في ظل اسئلة ثلاثة نطرحها على الدوام: إلى أين وصلنا؟ ماذا نفعل لنحقق اكثر مما وصلنا اليه؟ كيف يجب ان نعمل لنصل الى ما نريد؟