مجلة الأمن العام
11/06/2019
مجلة الأمن العام عدد 69 حزيران 2019
حديث مع الوزير السابق ابراهيم نجار
حديث مع الوزير السابق ابراهيم نجار
مقابلة
جورج شاهين
نجار: لتطبيق الدستور بحسن نيّة
لا يسع السلطة السمو على سلطان القانون
منذ فترة انطلقت حملة شاملة قيل انها لمكافحة الفساد على اكثر من صعيد. في الوقت الذي ما زالت فيه بعض القضايا والملفات قيد المعالجة والتحقيق، انتهى بعضها الى صدور الاحكام في حق عسكريين ومدنيين ومساعدين قضائيين وسماسرة. شهدنا على مرحلة تجميد عمل بعض القضاة في مواقع وحساسة، واوقف ضباط وعسكريون رهن التحقيق
ما يطرح من اسئلة وجيهة يختلف الناس حول جديتها، وحجم ما يمكن ان تؤدي اليه، فانقسم اللبنانيون بين من يشكك ومن يصدق ويؤمن باهمية ما يجري وحجمه.
لذا طرحت "الامن العام" سلسلة من الاسئلة على وزير العدل السابق البروفسور ابراهيم نجار ليقرأ انطلاقا من تجربته الوزارية والمهنية والقانونية في كل اشكال الفساد واستغلال السلطة، وليعاين وقائع ما يجري ومدى جديته، ويقترح ما يمكن القيام به لمواجهة هذه الافة، ويقدر عما اذا كان اللبنانيون يستطيعون بلوغ مرحلة البلد النظيف الذي يأمل كل لبناني في العيش فيه بحرية وامان.
* فتحت بعض الملفات على خلفية وجود ما يثبت فساد واستغلال للسلطة. الى اي حد انت تعترف بصدقية هذه الاتهامات؟ وهل من مبالغة في البعض منها؟
ـ قضايا الفساد في لبنان مزمنة وتتجدد اثارتها على وجه العموم في مطلع كل عهد. اخطر ما في تلك الملفات القديمة والجديدة ليس فقط استغلال السلطة، بل مدى التحايل على القانون ومخالفة الانظمة المالية. خبرت شخصيا حالات متعددة وعلى صعد مختلفة، بدت فيها الرشوة ومحاولات تجاوز القوانين الالزامية حدا مخيفا. لذلك، لا استبعد اطلاقا جدية الاتهامات، لاسيما ان ملاحقات شهيرة بقيت من دون نتيجة بعد مداخلات سياسية.
* بعد خبرتك كوزير سابق للعدل، ما الذي يحول دون ضبط الفاسد وهل هناك قوى خارجية تحميه؟
- من الصعب جدا مكافحة الفساد في الادارة والقضاء والامن لاننا في مجتمع موبوء. مكافحة الفساد تفترض ثقافة معينة وتربية ومثلا عليا ومناقبية تبدأ في اطار العائلة وتنمو في المدرسة. بعض لبنان القائم على الصدق ونظافة الكف قد مات، خصوصا منذ ان حاولت قوى اقليمية وسياسية الاتخاذ منه رافعة ومنطلقا من اجل تسديد حساباتها ضد بعضها البعض.
* هل يمكن تفنيد بعض هذه الحالات التي تتماثل مع احداث اليوم، وكيف انتهت معالجتها؟
- بالطبع، هناك تجارب محلية وخارجية يمكن التشبه بها من اجل مكافحة الفساد. الا ان الاهم في مقاربة كهذه يبقى ان المثل الاعلى يجب ان يأتي من قمة الهرم. الدستور يجب تطبيقه بحسن نية، والسلطة لا يسعها ان تسمو على سلطان القانون، والقوانين الكثيرة التي تم اعتمادها تبقى من دون تطبيق.
* الى اي حد تؤمن ان في الامكان مواجهة مظاهر الفساد ومكافحته في معزل عن السياسة؟ وهل من تجارب يمكن التشبه بها؟
- معركة الفساد تفترض ورشة كبيرة لا تقتصر على بعض الملاحقات القضائية والادارية. كلمة الفساد يجب ان يتم تحديدها بشكل نستطيع معه النيل من كل السمسرات التي لا تتناول مباشرة المال العام. كما انه على القاضي والموظف الا يتوسل ارضاء رؤسائه من اجل الحصول على ترقية او مراكز حساسة. لعل اهم من كل شيء انه يتعين كف يد السياسيين عن التدخل في الادارة، تماما كما يتعين الاقلاع عن الشعبوية والطائفية من اجل تحقيق المكاسب الظرفية.
* هل تكفي الاجراءات المتخذة وآلياتها لمكافحة مظاهر الفساد والقضاء عليها؟
ـ ما تقدم يثبت ان الاجراءات المتخذة حتى اليوم ليست كافية. انعدام الثقة في الحاكم، مهما كانت مراكزه السياسية والطائفية والمالية، لا يزال القاعدة العامة. كثيرة هي القضايا التي جرى طمسها، فخرجت عن التداول بعد ان كانت تملأ الدنيا وتشغل الناس، والامثلة على تلك القضايا تكاد لا تحصى.
* الى اي حد ترى ان السلطة موحدة في مواجهة الفساد؟ كيف يلاقيها المجتمع لخوض هذه التجربة بنجاح؟
- العقاب في ذاته مسألة فيها نظر في لبنان. تارة يطالب السياسيون بالعفو عن جرائم ملتبسة، وطورا يتم توقيف اعداد كبيرة من دون تحقيق فعلي، بل من دون قرار ظني او محاكمة. حتى السنة السجنية في لبنان تم تقصيرها الى تسعة اشهر، وبدت الممنوعات كأنها مباحة، واصبحت مقولة الكذب ملح الرجال هي القاعدة الى ما هنالك من ممارسات يصعب احصاؤها ويندر مثيلها.
* هل ذلك يعني ان من المستحيل بلوغ مرحلة لبنان النظيف؟ هل فقدت المبادرة الناجحة ولماذا هذا التشاؤم؟
- لست متفائلا بنجاح المعركة التي يخوضها لبنان ضد الفساد، لان بلوغ مرحلة لبنان النظيف يفترض وجود عناصر لا تتحقق بسهولة، وهي:
اولا: ان ذهنية تطبيق القانون وعدم الافلات من العقاب تستتبع لزاما مضاعفة عدد القضاة، وزيادة العديد في قوى الامن وفي الضابطة العدلية ومزيدا من الفعالية للشرطة البلدية، واعادة تأهيل كل وسائل مراقبة اعمال التدقيق في المال العام.
ثانيا: ان فرض الامن وسلطان القانون يحتاج الى طاقات مالية كبيرة، تقوم على جباية الضرائب من اجل تطوير فعالية القوى المسلحة التي عليها ان تكون هي ضامنة الامن وهيبة الدولة.
ثالثا: مع احترام الانتماء الطائفي بل المذهبي، يبقى ان لبنان يحتاج الى ثورة اخلاقية ومدنية في ذهنيته وتربية نسيجه من اقصى الشمال حتى اقصى الجنوب، بحيث يكون التنوع السياسي والطائفي والمذهبي مدخلا الى اغناء الفسيفساء اللبنانية عوض ان يكون ملاذا للفساد. لكن ذلك يفترض حكما قادرا وعادلا عابرا للطوائف.
* هل ترى ان التنوع السياسي والطائفي يعيق المحاولات الجارية ويضع حدا لها؟
- يروي بيار روندو في اطروحته بعنوان: La question du Liban اي المسألة اللبنانية، انه في الربع الاخير من القرن التاسع عشر، تم توقيف قاطع طرق ما لبث ان تبين انه من المذهب الدرزي، فتمت محاكمته. ثم تم توقيف قاطع طرق اخر بعد شهر ما لبث ان تبين انه ماروني، فتمت محاكمته اصولا. بعد شهر، جرى توقيف قاطع طرق اخر، فتبين انه من المذهب السني، وتم توقيفه. ثم توالت الاسابيع، وبعد ردح من الزمن، اخذت الطائفة الشيعية تسأل جهارا وعلنا وتتساءل: هل هي ايضا لبنانية ام ليست لبنانية، لان احدا من ابنائها لم يتم توقيفه كقاطع طرق؟
* هل ترى اوجه شبه بين هذه الرواية وما يجري اليوم وباي شكل من الاشكال؟
- اذا اردنا للفساد ان يتراجع، علينا ان نرجح ذهنية تنطلق من سيادة القانون وسمو الدستور والمواطنة الحقيقية والضمير الحي، قبل اي مقاربة اخرى من اي نوع كان. التبشير الحقيقي يكون بالتصرف كمثل اعلى عوض الامتثال الى الضمائر الحقيرة. مسألة الفساد هي مسألة بنيوية بامتياز. فاما ان يكون لبنان نظيفا واما لا يكون.
* ما الذي تقترحه اذن خارج كل ما نشهده اليوم من اجراءات في شكلها ومضمونها؟
- مكافحة الفساد تفترض تركيزا على بعض السبل والاجراءات القانونية التي لا بد منها. الفساد يفترض ان ثمة اموالا تم قبضها، وايداعها او توظيفها في اطار قانوني معين، لاسيما:
1ـ المصارف في لبنان والخارج.
2ـ الممتلكات العقارية والمنقولة في لبنان والخارج.
3ـ اطر اخرى معروفة في امكنة اشتهرت بالتهرب الضريبي، منها: التراست (Trust) والمؤسسات (Fondations) في بعض الجزر المعروفة والتابعة اما للمملكة المتحدة او للولايات المتحدة او في محيط الباسيفيك.
* ما هو مطلوب للمواجهة ليس موجودا في لبنان؟ كيف يمكن توفيره؟
- بالطبع ليس في مقدور لبنان الرسمي التأثير على الانظمة القانونية والقضائية الاجنبية، الا من خلال اتفاقات ثنائية او مقررات ملزمة من مجلس الامن، الامر الذي يصعب تحقيقه بين ليلة وضحاها. لكن لبنان يستطيع فرض تشريع:
1- يتوسع فيه القضاء في حالات رفع السرية المصرفية عن الذين يثبت انهم لا يستطيعون اثبات مصدر الاموال التي استعملوها لابتياع سلعا معينة او الاملاك الثمينة جدا.
2- يفرض على الكاتب العدل الاستماع الى عقود البيع والشراء قبل اللجوء الى امانات السجل العقاري، من جهة، والتحقق من مصادر الاموال بصورة اكيدة (سبب قبضها، محل ايداعها وتاريخه، الخ...) كما هي الحالة عليه في المملكة المتحدة.
* هناك انواع ووجوه متعددة للفساد، فما الذي يمكن التوقف عنده وما الذي يوفر الحماية للفاسد وعلى ما يستند؟
- الفساد على اشكال عدة، ولا يمكن حصره بسرقة المال العام المباشرة، لأن السرقة تفترض ثغرا في المحاسبة الاولية التي يمكن مراقبتها فورا. الفساد يمكن ان يكون في غالب الاحيان متكئا على وظيفة عامة او مقام عام، مهما علا شأنه، تستعمل من اجل جني الارباح والاموال: عقد الصفقات، منح الجنسية، تولية الوزارات او النيابات خارج حدود الانفاق المنصوص عليه قانونا، تمديد الاذونات، تجديد التراخيص... نصت احكام قانون العقوبات على حالات اطلق عليها المشترع تسمية الجرائم الواقعة على الادارة العامة، منها ما يخل بالواجبات الوظيفية (الرشوة، صرف النفوذ، الاختلاس واستثمار الوظيفة، التعدي على الحرية، اساءة استعمال السلطة والاخلال بواجبات الوظيفة، الخ المواد 350 الى 377 عقوبات)، ومنها ما يستعمل الشخصيات المعنوية (الشركات، المؤسسات...) من اجل التهريب.
* هل ترى الحديث عن وقوف بعض القضاة على اعتاب السياسيين منطقيا؟ وهل من استراتيجيا واضحة سبقنا اليها العالم ويمكن تطبيقها في لبنان؟
- تفترض مكافحة الفساد ليس فقط النيل من فاسدين بارزين يتلطون وراء الشعبوية والمزايدات المذهبية والطائفية، بل وضع استراتيجيا عامة، مالية ونقدية وادارية وقانونية وقضائية، في سعي جدي وتاريخي، يكون متفقا مع التقنيات الحديثة المستعملة في التهريب النقدي، وهي معروفة. ناهيك بالفساد الاخر، غير المحدد قانونا، وهو التملق والانبطاح والسعي الى الترقية والترفيع والتعيين في المراكز الادارية والوظيفية لاسباب لا علاقة لها بالفعالية الادارية. من المفيد المقارنة مع ما تتوسله الدول في القانون المقارن، ومن بينها فرنسا وبريطانيا ودول اوروبا الشمالية، لان عهدنا مع مكافحة الفساد لا يعدو كونه في بدايته.
- قضايا الفساد في لبنان مزمنة وتتجدد اثارتها في مطلع كل عهد
- الرشوة ومحاولات تجاوز القوانين الالزامية بلغت حدا مخيفا
- لست متفائلا بنجاح المعركة التي يخوضها لبنان ضد الفساد
- لبنان يحتاج الى ثورة اخلاقية ومدنية في ذهنيته وتربية نسيجه
- يتعين كف يد السياسيين عن التدخل في الادارة
- الفساد في غالب الاحيان يتكىء على وظيفة عامة او مقام عام.
جورج شاهين
نجار: لتطبيق الدستور بحسن نيّة
لا يسع السلطة السمو على سلطان القانون
منذ فترة انطلقت حملة شاملة قيل انها لمكافحة الفساد على اكثر من صعيد. في الوقت الذي ما زالت فيه بعض القضايا والملفات قيد المعالجة والتحقيق، انتهى بعضها الى صدور الاحكام في حق عسكريين ومدنيين ومساعدين قضائيين وسماسرة. شهدنا على مرحلة تجميد عمل بعض القضاة في مواقع وحساسة، واوقف ضباط وعسكريون رهن التحقيق
ما يطرح من اسئلة وجيهة يختلف الناس حول جديتها، وحجم ما يمكن ان تؤدي اليه، فانقسم اللبنانيون بين من يشكك ومن يصدق ويؤمن باهمية ما يجري وحجمه.
لذا طرحت "الامن العام" سلسلة من الاسئلة على وزير العدل السابق البروفسور ابراهيم نجار ليقرأ انطلاقا من تجربته الوزارية والمهنية والقانونية في كل اشكال الفساد واستغلال السلطة، وليعاين وقائع ما يجري ومدى جديته، ويقترح ما يمكن القيام به لمواجهة هذه الافة، ويقدر عما اذا كان اللبنانيون يستطيعون بلوغ مرحلة البلد النظيف الذي يأمل كل لبناني في العيش فيه بحرية وامان.
* فتحت بعض الملفات على خلفية وجود ما يثبت فساد واستغلال للسلطة. الى اي حد انت تعترف بصدقية هذه الاتهامات؟ وهل من مبالغة في البعض منها؟
ـ قضايا الفساد في لبنان مزمنة وتتجدد اثارتها على وجه العموم في مطلع كل عهد. اخطر ما في تلك الملفات القديمة والجديدة ليس فقط استغلال السلطة، بل مدى التحايل على القانون ومخالفة الانظمة المالية. خبرت شخصيا حالات متعددة وعلى صعد مختلفة، بدت فيها الرشوة ومحاولات تجاوز القوانين الالزامية حدا مخيفا. لذلك، لا استبعد اطلاقا جدية الاتهامات، لاسيما ان ملاحقات شهيرة بقيت من دون نتيجة بعد مداخلات سياسية.
* بعد خبرتك كوزير سابق للعدل، ما الذي يحول دون ضبط الفاسد وهل هناك قوى خارجية تحميه؟
- من الصعب جدا مكافحة الفساد في الادارة والقضاء والامن لاننا في مجتمع موبوء. مكافحة الفساد تفترض ثقافة معينة وتربية ومثلا عليا ومناقبية تبدأ في اطار العائلة وتنمو في المدرسة. بعض لبنان القائم على الصدق ونظافة الكف قد مات، خصوصا منذ ان حاولت قوى اقليمية وسياسية الاتخاذ منه رافعة ومنطلقا من اجل تسديد حساباتها ضد بعضها البعض.
* هل يمكن تفنيد بعض هذه الحالات التي تتماثل مع احداث اليوم، وكيف انتهت معالجتها؟
- بالطبع، هناك تجارب محلية وخارجية يمكن التشبه بها من اجل مكافحة الفساد. الا ان الاهم في مقاربة كهذه يبقى ان المثل الاعلى يجب ان يأتي من قمة الهرم. الدستور يجب تطبيقه بحسن نية، والسلطة لا يسعها ان تسمو على سلطان القانون، والقوانين الكثيرة التي تم اعتمادها تبقى من دون تطبيق.
* الى اي حد تؤمن ان في الامكان مواجهة مظاهر الفساد ومكافحته في معزل عن السياسة؟ وهل من تجارب يمكن التشبه بها؟
- معركة الفساد تفترض ورشة كبيرة لا تقتصر على بعض الملاحقات القضائية والادارية. كلمة الفساد يجب ان يتم تحديدها بشكل نستطيع معه النيل من كل السمسرات التي لا تتناول مباشرة المال العام. كما انه على القاضي والموظف الا يتوسل ارضاء رؤسائه من اجل الحصول على ترقية او مراكز حساسة. لعل اهم من كل شيء انه يتعين كف يد السياسيين عن التدخل في الادارة، تماما كما يتعين الاقلاع عن الشعبوية والطائفية من اجل تحقيق المكاسب الظرفية.
* هل تكفي الاجراءات المتخذة وآلياتها لمكافحة مظاهر الفساد والقضاء عليها؟
ـ ما تقدم يثبت ان الاجراءات المتخذة حتى اليوم ليست كافية. انعدام الثقة في الحاكم، مهما كانت مراكزه السياسية والطائفية والمالية، لا يزال القاعدة العامة. كثيرة هي القضايا التي جرى طمسها، فخرجت عن التداول بعد ان كانت تملأ الدنيا وتشغل الناس، والامثلة على تلك القضايا تكاد لا تحصى.
* الى اي حد ترى ان السلطة موحدة في مواجهة الفساد؟ كيف يلاقيها المجتمع لخوض هذه التجربة بنجاح؟
- العقاب في ذاته مسألة فيها نظر في لبنان. تارة يطالب السياسيون بالعفو عن جرائم ملتبسة، وطورا يتم توقيف اعداد كبيرة من دون تحقيق فعلي، بل من دون قرار ظني او محاكمة. حتى السنة السجنية في لبنان تم تقصيرها الى تسعة اشهر، وبدت الممنوعات كأنها مباحة، واصبحت مقولة الكذب ملح الرجال هي القاعدة الى ما هنالك من ممارسات يصعب احصاؤها ويندر مثيلها.
* هل ذلك يعني ان من المستحيل بلوغ مرحلة لبنان النظيف؟ هل فقدت المبادرة الناجحة ولماذا هذا التشاؤم؟
- لست متفائلا بنجاح المعركة التي يخوضها لبنان ضد الفساد، لان بلوغ مرحلة لبنان النظيف يفترض وجود عناصر لا تتحقق بسهولة، وهي:
اولا: ان ذهنية تطبيق القانون وعدم الافلات من العقاب تستتبع لزاما مضاعفة عدد القضاة، وزيادة العديد في قوى الامن وفي الضابطة العدلية ومزيدا من الفعالية للشرطة البلدية، واعادة تأهيل كل وسائل مراقبة اعمال التدقيق في المال العام.
ثانيا: ان فرض الامن وسلطان القانون يحتاج الى طاقات مالية كبيرة، تقوم على جباية الضرائب من اجل تطوير فعالية القوى المسلحة التي عليها ان تكون هي ضامنة الامن وهيبة الدولة.
ثالثا: مع احترام الانتماء الطائفي بل المذهبي، يبقى ان لبنان يحتاج الى ثورة اخلاقية ومدنية في ذهنيته وتربية نسيجه من اقصى الشمال حتى اقصى الجنوب، بحيث يكون التنوع السياسي والطائفي والمذهبي مدخلا الى اغناء الفسيفساء اللبنانية عوض ان يكون ملاذا للفساد. لكن ذلك يفترض حكما قادرا وعادلا عابرا للطوائف.
* هل ترى ان التنوع السياسي والطائفي يعيق المحاولات الجارية ويضع حدا لها؟
- يروي بيار روندو في اطروحته بعنوان: La question du Liban اي المسألة اللبنانية، انه في الربع الاخير من القرن التاسع عشر، تم توقيف قاطع طرق ما لبث ان تبين انه من المذهب الدرزي، فتمت محاكمته. ثم تم توقيف قاطع طرق اخر بعد شهر ما لبث ان تبين انه ماروني، فتمت محاكمته اصولا. بعد شهر، جرى توقيف قاطع طرق اخر، فتبين انه من المذهب السني، وتم توقيفه. ثم توالت الاسابيع، وبعد ردح من الزمن، اخذت الطائفة الشيعية تسأل جهارا وعلنا وتتساءل: هل هي ايضا لبنانية ام ليست لبنانية، لان احدا من ابنائها لم يتم توقيفه كقاطع طرق؟
* هل ترى اوجه شبه بين هذه الرواية وما يجري اليوم وباي شكل من الاشكال؟
- اذا اردنا للفساد ان يتراجع، علينا ان نرجح ذهنية تنطلق من سيادة القانون وسمو الدستور والمواطنة الحقيقية والضمير الحي، قبل اي مقاربة اخرى من اي نوع كان. التبشير الحقيقي يكون بالتصرف كمثل اعلى عوض الامتثال الى الضمائر الحقيرة. مسألة الفساد هي مسألة بنيوية بامتياز. فاما ان يكون لبنان نظيفا واما لا يكون.
* ما الذي تقترحه اذن خارج كل ما نشهده اليوم من اجراءات في شكلها ومضمونها؟
- مكافحة الفساد تفترض تركيزا على بعض السبل والاجراءات القانونية التي لا بد منها. الفساد يفترض ان ثمة اموالا تم قبضها، وايداعها او توظيفها في اطار قانوني معين، لاسيما:
1ـ المصارف في لبنان والخارج.
2ـ الممتلكات العقارية والمنقولة في لبنان والخارج.
3ـ اطر اخرى معروفة في امكنة اشتهرت بالتهرب الضريبي، منها: التراست (Trust) والمؤسسات (Fondations) في بعض الجزر المعروفة والتابعة اما للمملكة المتحدة او للولايات المتحدة او في محيط الباسيفيك.
* ما هو مطلوب للمواجهة ليس موجودا في لبنان؟ كيف يمكن توفيره؟
- بالطبع ليس في مقدور لبنان الرسمي التأثير على الانظمة القانونية والقضائية الاجنبية، الا من خلال اتفاقات ثنائية او مقررات ملزمة من مجلس الامن، الامر الذي يصعب تحقيقه بين ليلة وضحاها. لكن لبنان يستطيع فرض تشريع:
1- يتوسع فيه القضاء في حالات رفع السرية المصرفية عن الذين يثبت انهم لا يستطيعون اثبات مصدر الاموال التي استعملوها لابتياع سلعا معينة او الاملاك الثمينة جدا.
2- يفرض على الكاتب العدل الاستماع الى عقود البيع والشراء قبل اللجوء الى امانات السجل العقاري، من جهة، والتحقق من مصادر الاموال بصورة اكيدة (سبب قبضها، محل ايداعها وتاريخه، الخ...) كما هي الحالة عليه في المملكة المتحدة.
* هناك انواع ووجوه متعددة للفساد، فما الذي يمكن التوقف عنده وما الذي يوفر الحماية للفاسد وعلى ما يستند؟
- الفساد على اشكال عدة، ولا يمكن حصره بسرقة المال العام المباشرة، لأن السرقة تفترض ثغرا في المحاسبة الاولية التي يمكن مراقبتها فورا. الفساد يمكن ان يكون في غالب الاحيان متكئا على وظيفة عامة او مقام عام، مهما علا شأنه، تستعمل من اجل جني الارباح والاموال: عقد الصفقات، منح الجنسية، تولية الوزارات او النيابات خارج حدود الانفاق المنصوص عليه قانونا، تمديد الاذونات، تجديد التراخيص... نصت احكام قانون العقوبات على حالات اطلق عليها المشترع تسمية الجرائم الواقعة على الادارة العامة، منها ما يخل بالواجبات الوظيفية (الرشوة، صرف النفوذ، الاختلاس واستثمار الوظيفة، التعدي على الحرية، اساءة استعمال السلطة والاخلال بواجبات الوظيفة، الخ المواد 350 الى 377 عقوبات)، ومنها ما يستعمل الشخصيات المعنوية (الشركات، المؤسسات...) من اجل التهريب.
* هل ترى الحديث عن وقوف بعض القضاة على اعتاب السياسيين منطقيا؟ وهل من استراتيجيا واضحة سبقنا اليها العالم ويمكن تطبيقها في لبنان؟
- تفترض مكافحة الفساد ليس فقط النيل من فاسدين بارزين يتلطون وراء الشعبوية والمزايدات المذهبية والطائفية، بل وضع استراتيجيا عامة، مالية ونقدية وادارية وقانونية وقضائية، في سعي جدي وتاريخي، يكون متفقا مع التقنيات الحديثة المستعملة في التهريب النقدي، وهي معروفة. ناهيك بالفساد الاخر، غير المحدد قانونا، وهو التملق والانبطاح والسعي الى الترقية والترفيع والتعيين في المراكز الادارية والوظيفية لاسباب لا علاقة لها بالفعالية الادارية. من المفيد المقارنة مع ما تتوسله الدول في القانون المقارن، ومن بينها فرنسا وبريطانيا ودول اوروبا الشمالية، لان عهدنا مع مكافحة الفساد لا يعدو كونه في بدايته.
- قضايا الفساد في لبنان مزمنة وتتجدد اثارتها في مطلع كل عهد
- الرشوة ومحاولات تجاوز القوانين الالزامية بلغت حدا مخيفا
- لست متفائلا بنجاح المعركة التي يخوضها لبنان ضد الفساد
- لبنان يحتاج الى ثورة اخلاقية ومدنية في ذهنيته وتربية نسيجه
- يتعين كف يد السياسيين عن التدخل في الادارة
- الفساد في غالب الاحيان يتكىء على وظيفة عامة او مقام عام.
عناوين الأمن العام
الإدارة المركزية
المقسم |
العدلية شارع سامي الصلح |
01/386610 - 01/425610 |
الدائرة الأمنية |
المتحف 01/612401/2/5 |
الدوائر والمراكز الحدودية
دائرة مطار رفيق الحريري الدولي: |
01/629150/1/2 - 01/628570 |
دائرة مرفأ بيروت: |
01/580746-01/581400 |
مركز أمن عام مرفأ جونية: |
09/932852 |
مركز أمن عام مرفأ طرابلس: |
06/600789 |
مركز أمن عام العريضة: |
06/820101 |
مركز أمن عام العبودية: |
06/815151 |
مركز أمن عام البقيعة: |
06/860023 |
مركز أمن عام الرائد الشهيد روجيه جريج - القاع: |
08/225101 |
مركز أمن عام المصنع: |
08/620018 |
مركز أمن عام مرفأ صور: |
07/742896 |
مركز أمن عام مرفأ صيدا: |
07/727455 |
مركز أمن عام الناقورة: |
07/460007 |
مركز أمن عام مرفأ الجية: |
09/995516 |
دائرة أمن عام بيروت
دائرة أمن عام بيروت |
01/429061 - 01/429060 |
دائرة أمن عام لبنان الشمالي وعكار
|
||||||||||||||||||||||||||||
دائرة أمن عام البقاع وبعلبك الهرمل
دائرة أمن عام البقاع |
08/803666 |
مركز زحلة |
08/823935 |
مركز جب جنين |
08/660095 |
مركز راشيا |
08/590620 |
مركز رياق |
08/900201 |
مركز النقيب عصام هاشم - مشغرة |
08/651271 |
مركز بوارج |
08/540608 |
دائرة أمن عام بعلبك الهرمل |
08/374248 |
مركز بعلبك |
08/370577 |
مركز شمسطار |
08/330106 |
مركز الهرمل |
08/200139 |
مركز دير الأحمر |
08/321136 |
مركز اللبوة |
08/230094 |
مركز النبي شيت |
08/345104 |
دائرة أمن عام لبنان الجنوبي والنبطية
دائرة أمن عام لبنان الجنوبي |
07/724890 |
مركز صيدا |
07/735534 |
مركز صور |
07/741737 |
مركز جزين |
07/780501 |
مركز جويا |
07/411891 |
مركز قانا |
07/430096 |
مركز الزهراني |
07/260957 |
دائرة أمن عام النبطية |
07/760727 |
مركز النبطية |
07/761886 |
مركز بنت جبيل |
07/450010 |
مركز مرجعيون |
07/830301 |
مركز حاصبيا |
07/550102 |
مركز جباع |
07/211418 |
مركز تبنين |
07/326318 |
مركز شبعا |
07/565349 |
مركز الطيبة |
07/850614 |
دائرة أمن عام جبل لبنان الأولى والثانية
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||